5 مليار دولار تجارة لحوم الأبقار العالمية بحلول 2025 .. تنمو 3 % سنويا
ازداد إنتاج اللحوم عالميا بسرعة ملموسة خلال السنوات
الـ50 الماضية، إذ نما الإنتاج العالمي من اللحوم بنحو خمس أو ست مرات منذ عام
1961 وحتى الآن، مقاسا بالطن المتري المربع.
وترافق نمو الإنتاج العالمي مع تغير في مراكز القوى
في تلك الصناعة، فعلى الصعيد الإقليمي تعد القارة الآسيوية حاليا أكبر منتج للحوم.
ووفقا لآخر التقديرات، فإن نحو 40-45 في المائة
من إجمالي إنتاج اللحوم مصدره آسيا، ويظهر التغير في القوى الإقليمية بشكل ملحوظ عند
مقارنة الوضع الراهن بما كان عليه الحال عام 1961.
وكانت القارة الأوروبية وأمريكا الشمالية وتحديدا
الولايات المتحدة المنتجين المسيطرين على إنتاج اللحوم دوليا، وبلغت النسبة حينها
42 و25 في المائة على التوالي، بينما لم يتجاوز إنتاج آسيا 12 في المائة فقط عام
1961، إلا أن انخفاض حصة الإنتاج في أوروبا والولايات المتحدة ترافق مع زيادة كبيرة
في الإنتاج من حيث القيمة المطلقة، فقد تضاعف إنتاج اللحوم في أوروبا تقريبا خلال تلك
الفترة، بينما زاد ناتج قارة أمريكا الشمالية بمقدار 2.5 ضعفا.
ومع ذلك، كانت الزيادة في الإنتاج الآسيوي مذهلة،
فقد زاد إنتاج اللحوم 15 مرة منذ عام 1961، لكن الزيادة لم تكن حكرا على القارات الثلاث،
فقد وقعت زيادة ضخمة في كمية الإنتاج من مناطق أخرى كثيرة، وربما كان الاستثناء منطقة
الكاريبي، حيث كانت أقل من المتوسط العالمي فلم يزد فيها الإنتاج إلا ثلاثة أضعاف مقارنة
بمتوسط عالمي بلغ خمسة أضعاف.
ويعتقد هارين سام من شركة "جراند فيو"
للأبحاث، أن صناعة اللحوم تعرضت لعديد من التحديات في السنوات الأخيرة، ومع ذلك استمرت
زيادة الاستهلاك، ولا سيما في البلدان الناشئة والنامية، خاصة في الصين التي شهدت نموا
استهلاكيا كبيرا خلال العقود الثلاثة الماضية، وفي السنوات الخمس الأخيرة كان لهذا
تأثير كبير على قطاع اللحوم في العالم.
ويقول لـ "الاقتصادية"، هارين سام إنه
"إذا استمر الاستهلاك الصيني في النمو، فإنه من المتوقع أن يصل سوق لحوم الأبقار
في العالم إلى نحو 383.5 مليار دولار بحلول عام 2025، فمعدل النمو السنوي المركب سيبلغ
3.1 في المائة".
ويبرر ذلك بأن لحوم الأبقار والعجول لديها نسبة
أعلى من البروتين مقارنة بالدجاج والديك الرومي ولحوم الضأن، وهناك وعي متزايد بأهمية
استهلاك البروتين ضمن المكونات الغذائية، كما أن ارتفاع الطلب الصيني مدعوما بزيادة
الدخل المتاح تسهم في نمو تلك الصناعة، كما يجب أن نأخذ في الاعتبار زيادة أعداد المسلمين
في العالم، وهذا سيؤدي إلى نمو الطلب على لحوم الأبقار الحلال.
لكن هذا التفاؤل بمستقبل صناعة لحوم الأبقار، يصطدم
بنمو الوعي الصحي المرتبط بالمخاطر الناجمة عن استهلاك اللحوم عموما، كما أن ارتفاع
أسعار لحوم الأبقار مقارنة بأشكال أخرى من اللحوم يمكن أن يؤثر بقوة ملحوظة في نمو
السوق.
ويشير لـ "الاقتصادية"، الدكتور نيل ديفيد
من منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو"، إلى أنه
"وفقا لآخر الأرقام الصادرة من الفاو فإن أستراليا تحتل قائمة البلدان المستهلكة
للحوم عالميا إذ يبلغ معدل استهلاك الفرد 116 كيلو جراما سنويا، والولايات المتحدة
ليست بعيدة عن هذا الرقم إذ يبلغ الاستهلاك السنوي 115 كيلو جراما".
ويضيف ديفيد: "لكن تلك النتائج تختلف عن تقديرات
منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تضع الولايات المتحدة في أعلى قائمة المستهلكين
بمتوسط استهلاكي يبلغ 97 كيلو جراما للفرد سنويا، تليها أستراليا بنحو 94.7 كيلو جرام
سنويا، إلا أن الأستراليين يستهلكون لحوم أغنام أكثر من نظرائهم الأمريكيين، فبينما
يستهلك المواطن الأسترالي في المتوسط 8.6 كيلو جرام من لحوم الأغنام، فإن استهلاك المواطن
الأمريكي أقل منه بنحو 400 جرام".
ورغم أن الولايات المتحدة تحتل المرتبة الأولى في
إنتاج لحوم الأبقار عالميا تليها البرازيل ثم الاتحاد الأوروبي، إلا أن الثلاثة الكبار
ينتجون نحو 47 في المائة من الإنتاج العالمي بنسبة 20 – 15-13 في المائة على التوالي.
وتوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتورة إلين
كوك من كلية الزراعة في جامعة جلاسكو، أن "الولايات المتحدة والبرازيل والاتحاد
الأوروبي يحافظون بثبات على موقعهم.. والصين تحتل حاليا المرتبة الرابعة في الإنتاج
العالمي تليها الهند في المرتبة الخامسة، ويتمتع الإنتاج الصيني بالاستقرار منذ عام
2005، أما الهند فإنها تسهم بنحو 7 في المائة من الإنتاج العالمي، وعلى الرغم من أنها
لم تحقق قفزات أخيرا في الإنتاج، إلا أنها استطاعت الحفاظ على موقعها في الترتيب العالمي،
لكن بعض الخبراء يشككون في قدرتها على الحفاظ على مكانتها تلك في ظل التغيرات السياسية
والاجتماعية وتصاعد التيار القومي".
وإذا كانت لحوم الأبقار تحتل الجزء الأكبر من الإنتاج
العالمي من لحوم الماشية أو ما يعرف باللحوم الحمراء، فإن لحوم الضأن تتمتع بعدد من
المزايا التي تتيح لها آفاقا إيجابية في السوق العالمية للحوم.
ويقول لـ "الاقتصادية"، آدم براند نائب
رئيس الجمعية الريفية لمنتجي لحوم الماعز، إن "مقارنة بلحوم الأبقار فإن لحوم
الضأن لا يوجد محظورات دينية بشأنها، وفي بعض الثقافات لها دور فريد في المناسبات العائلية
والدينية، والتقديرات المتاحة بشأن الإنتاج العالمي من لحوم الضأن يقدر بنحو 8.7 مليون
طن".
ويضيف براند، أن "تجارة لحوم الأغنام صغيرة
نسبيا، إذ يتم تصدير أقل من 7 في المائة من الإنتاج العالمي، وتعد نيوزيلاندا نموذجا
ذا طابع خاص في تلك الصناعة، إذ تصدر نحو 80 في المائة من إنتاجها من لحوم الأغنام،
ويمكننا القول إن أستراليا ونيوزلاندا تلعبان دورا رائدا في تلك التجارة".
ومع هذا، تشير منظمة الفاو إلى تباطؤ نمو إنتاج
لحوم الأغنام على مستوى العالم، حيث يبلغ عدد رؤوس الأغنام في العالم حاليا أكثر من
مليار رأس، مع وجود 19 في المائة منها في آسيا وإفريقيا، و8 في المائة في بلدان الرابطة
الأوروبية للتجارة الحرة.
ويوجد في المملكة المتحدة أكبر عدد من رؤوس الأغنام
في أوروبا، حيث تأوي نحو 31 مليون رأس من الأغنام.
ويشير براند إلى أن التوقعات المستقبلية ترجح انخفاض
إنتاج أستراليا من لحوم الأغنام، لكن هذا سيتم تعويضه بالزيادة في بلدان أخرى مثل بلدان
وسط آسيا وبعض بلدان القارة الإفريقية.
وذكر براند، أن "الصين ستلعب دورا مهما في
مجال التأثير على سوق تجارة لحوم الأغنام العالمية من خلال استهلاك جزء متزايد من صادرات
أستراليا ونيوزيلاندا، فحاليا تستهلك 25 و35 في المائة من صادراتهما على التوالي، أما
بالنسبة للهند فمن المتوقع أن تشهد السنوات المقبلة زيادة في مبيعاتها في الشرق الأوسط،
تحديدا لمنطقة الخليج خاصة الإمارات والسعودية".